Translate

2018/03/26

رحلتي من المنطقة الصناعية الخرطوم عبر موقف جاكسون و السكة حديد الي مسجد شروني الحزين

(( رحلتي من المنطقة الصناعية الخرطوم عبر جاكسون و السكة حديد و موقف شروني الي الخرطوم 2))
الثامنة صباح الثلاثاء ، تحركت صوب المنطقة الصناعية لعطل في سيارتي و أوقفت السيارة مع الفني الذي يقع محل ورشته بين مسجد كمير في المنطقة الصناعية و مصنع لولي لتصنيع اللحوم و تركتها معه و تحركت راجلا الي الخرطوم 2 لسببين أولهما لا توجد وسيلة و الثاني لاتمشي قليلا و المسافة حوالي 2.5 كيلومتر..
بدأت الرحلة بعبور مايسمى بموقف "جاكسون" و ما ادراك ما موقف "جاكسون " أنه عالم اخر ، سيارات صغيرة و اخري كبيرة و "أمجادات" و "ركشات " و قطار يجر عربات بضاعة و دراجات بنوعيها و مشاة يتحركون في كل اتجاه في استباحة متعمدة لهيئة السكة الحديد ، الغالبية تتحرك من و الي موقف مسجد "شروني" عبورا بالمرحومة السكة حديد و ما ادراك ما السكة حديد أسواق متعددة الأغراض بدءا من التسالي و فول السوداني و البلح و الترمس و الكبكبيك و برد جوفك و العرديب و الكركدي و التبلدي و القنقليز . الكباية واحد جنيه و " يالماشي تعال غاشي" و الدردقو .. بالشطة و الليمون .. و كذلك " الجلاكسي " وسط الزحام يوجد حلاق بكامل أدواته و مقص الحلاقة و امواس مشتتة هنا و هناك و بقايا الشعر علي الأرض حوله و مرآة كبيرة و الناس صفوف .
و كلما تعمقت داخل المرحومة السكة حديد كلما رأيت العجب العجاب ، وقفت عند أحدهم و هو يضع أمامه اكواب مليئة بمساحيق لأشياء مختلفة و غريبة و غير معروفة و عشبيات و لحي أشجار و جذور نباتات و "محاية" و بخرات و "حجابات" و اوراق أخري ملفوفة و مغلفة لا ندري ما بداخلها ، لعله "فكي" داخل السكة حديد ربما استفاد من الفتوي التي رشح خبرها و التي برات أحد (الفكياء) ,,
في رحلتي مررت بمبنى قديم و عليه لافتة مكتوب عليها (الجمعية التعاونية للسكة الحديد) فتذكرت خالنا المرحوم عبد القيوم عثمان الذي كان يعمل في شرطة السكة الحديد و كان مسئولا من الجمعية التعاونية التي كانت كخلية النحل تمتليء بالبضائع و حولها الرجال و النساء و الاطفال عندما كانت السكة حديد علي قيد الحياة .. ما علينا ..
عبرنا "مقابر" السكة الحديد حيث الموتي من عربات و صوالين القطارات و بواقي رؤوسها و الورش الكئيبة و أناس يتمددون و يتمغون لعلهم عمال السكة حديد و خطوط الحديد يظهر بعض منها و يختفي أكثرها بالاتربة و اكوام القمامة و الاوساخ .
عبرنا من ورش السكة الحديد بنفاج أخرجنا الي حيث مساكن عمال و موظفي السكة حديد متجهين صوب شروني مررنا ببقايا أطلال لمنازل موظفي و مهندسي السكة الحديد فبان أمامي موقع منزل الخال الباشمهندس ابايزيد حسن صديق الذي كنت ازوره في ثمانينات القرن الماضي ذلك الموقع الذي صار مطعما شعبيا بكامل هيئته و عدته و عماله و زبائنه فهناك شجرة ضخمة ربما تقف شاهدا علي عصر ولي الان تتجمع تحتها النساء اللاتي يقدمن الاكل لهؤلاء العابرين من جاكسون الي شروني(بحقه طبعا)،
العصيدة بأنواعها المختلفة من عيشها و دخنها , مختلف كذلك ادامها بدءا بالتقلية و الكجيك والروب و "ام تكشو " و هي تصنع من ورق الخضرة المجفف مع البصل والزيت و اللوبيا و كذلك يوجد " ملاح الانقارة " و هو يصنع ورق الكركدي و الفول السوداني و العطرون و الدقيق حسب إفادة حاجة كلتوم صاحبة المحل كذلك قد دخلت القراصة في التشكيلة و ظهرت دمعة الفراخ الذي لا ندري كنهه و لا مصدره و ظهر كذلك الفول المصري و قد ظهرت ايضا البليلة بأنواعها و اري تحت الشجرة كذلك أنواع من المدائد الصفراء و الحمراء و البيضاء مع مسميات مختلفة كالحلبة و الدخن و البلح و المخبازة و نوع آخر يسمي "ام جنقر " بكسر الجيم و القاف و هو يصنع من الدخن بعد جرشه و إزالة القشرة و هو مشهور في كردفان ،
وهناك نوع اخر و هو مديدة " الباكمبا" و هو مصنوع من حبات القمح أو العيش الابيض و الكاسترد و الطحنية و قد اشتهرت بهذه المديدة " عوضية باكمبا " و هي صاحبة مطعم في سوق ليبيا و ذلك حسب رواية أحد الإخوة الذين وجدتهم . وجدت ايضا مديدة " القدو قدو " و هي تتكون من الدخن و الروب والسكر و كل هذه المدايد التحلية بعد الاكل ، و انا تحت هذه الشجرة سمعت احد الباعة ينادي : جلاكسي بالشطة والملح .. جلاكسي بالشطة والملح .. جلاكسي بالشطة و الملح .. و لما كان موبايلي قد سقط مني و تهشمت شاشته فقلت لعل جلاكسي بالشطة هذا يكون بائع لأغراض الموبايلات فلربما وجدت عنده الحل لتلفوني هذا .. و تحولت لجهة الصوت .. فإذا به رجل يجلب نوع جديد من الوجبات السريعة مكوناتها من المانجو الخضراء غير المستوية و الشطة الحمراء السائلة الموضوعة في قارورة بلاستيك مثقوبة القفل (نظام بخاخ يعني ) و ملح أبيض و الفلفل وطريقة التحضير يقوم بتقطيع المانجو في شكل شرائح أمام عينك يا تاجر بالايدي وباستخدام سكينة متسخة موضوعة في منضدة بجانب العملات المعدنية والاكيأس والإغراض الاخري وتوضع الشرائح علي كيس نايلون و تضاف (بخة) من الشطة السائلة المعبأة في القارورة المثقوبة في القفل وتضاف قبضة كف من الملح و الكف طبعا (ماشاء الله ) أما الفلفل فحسب الطلب .
وجدت اخرون يجلبون علي الأرض المانجو بالكوم و علي الحائط اكوام القمامة بالقرب من مكان الاكل و أحدهم يقف و يقضي بكل راحة و استجمام حاجته أمام أعين الناس الواقفين و العابرين و الاكلين و انا ، و بجانبه طفلة تنادي "ساعدونا يا جماعة" ، و يقف أصحاب المياه بباقاتهم و "يطقطقون" باكوابهم في لحن جميل لأغنية برد جوفك لكن قلت في نفسي لا يغرنك سماع الألحان الموسيقية التي تنبعث جراء " طقطقة " اكواب الماء البارد او " الكركدى" فى اغنية " برد جوفك " والتي يؤديها جالب مشروب الكركديه المثلج الذي يتجول وسط الزحام , للاسف لم أستطيع ان التقط صورة او لقطة فيديو لصاحب الكركديه ( للظروف القانونية و الحقوقية) و هو ماشاء الله لديه صوت جميل لو قابل ملحنا لاقنعه بتغيير وسيلة كسب عيشه من بيع الكركديه المثلج الي مغني كبير خاصة و أن دخل المغنيين صار خرافيا في هذا الزمن . و علي ذمة احد الإخوة فان صاحب الكركديه هو نفسه الذي يقوم بغسيل العربات و الجرادل هي نفسها التي تغسل بها العربات و التي بها يتم تجهيز الكركديه ،، لذلك اقول لكم لا يغرنكم سماع الميزيكا و خير لكم ان تدعوا اجوافكم تحترق حتي تعودو الي المنزل و تنعمو بكوب ماء بارد نظيف من تناول كوب من هذا الرجل ،،، (سبحان الله.. فوضي عارمة و من خلالها أرزاق لهؤلاء - مصائب قوم) .
و أخريات يجلبن أشياء اخري .. ( لعل الحلقةتبدأ من جاكسون مشيا و بيعا و شراءا الي محطة الوصول في شروني فاكلا و تحلية و شربا ثم بائعات الشاي و القهوة و الكركدي الساخن و قد دخلت الحلبة ايضا و لاكمال عملية الكيف هناك مجموعة يبيعون ود عماري التمباك الاصلي وارد الفاشر وذلك لكي تكتمل الخدمات و بعد ذلك و بعد ان "يتكيف" الشخص نجد هناك خدمة اخري تكمل الصورة و هي بيع الصحف و خاصة الرياضية فيشترون صحفهم و في انتظار حظهم من الحافلات و البصات يتناقشون هلال مريخ كادمبا و هلال التبلدي و السماني و هذه الايام طبعا لا ننسي بعضا من السياسة و سليل الميرغني الصغير البقوهو وزير و الوزير الماعندو شهادات و تراجي و منشوراتها الصوتية و الريس و ترمب و الفواكه المصرية و ما تسببه من امراض كل هذا و قد اكلوا و شبعوا و ارتوا من هذه الماكولات التي وضعت علي الارض يغشاها الغبار و عوادم السيارات و الروايح المنبعثة من مواقع التبول القريبة منهم وووو ... .
و آخرون كذلك يبيعون علي الأرض الكتب و الختم الدبل (بجنيه و اثنين جنيه) ... الا اني لمحت مئذنة مسجد شروني الحزين الذي ربما اندهش من الذي يحدث حوله و تذكرت جماعة الخير و الايمان الذين كانوا يجعلون من مسجد شروني مقرا لهم و في صلاة الصبح يجود جيران المسجد بما لذ و طاب من انواع البسكويت و الزلابية و الشاي و الارز بالحليب .. ذلك المسجد الذي يكاد يغيب بهذا الزخم و كذلك بهذه الانشاءات التي تبني حوله . خرجنا من موقف شروني و علي الانترلوك الذي يتباهى به المسئولون هذه الأيام لاسيما والي الجزيرة و" افتتاحات و انترلوك " وصلنا بحمد الله حديقة بدر شارع الجزيرة و ختام الرحلة اري ركشة تغسل . (ملحوظة : كل اللقطات من تصويري .. كامل الحرية لمن يرغب في استخدامها.. أضفت بعض الصور القديمة لاكمال الموضوع و هي أيضا خاصتي) .
الخلاصة :
1- تدمير متعمد لما تبقي من ممتلكات السكة الحديد .
2- ارهاق المواطن بتشتيت سبل النقل و المواصلات خاصة اوقات الذروة و الظهيرة و حرارة الشمس .
3- انتشار الامراض و الاوبئة في بيع الاكل والشرب غير الصحي مع ما ينبعث من عوادم وسائل النقل و محلات القمامة و التبول .
4- تمدد الضوضاء و الزحمة و الاسواق في كافة ارجاء وسط المدينة فذهبت نكهة الامكنة القديمة الامر الذي يتنافي مع دعوات استجلاب السياح .
5- عدم انسياب حركة المرور مع كثرة الحوادث لحركة المواطنين في تقاطعات الطرق بين السكة حديد الي شروني الي شارع الحرية الي شارع القصر جريا للبحث عن وسائل النقل

"مدنيااااو" قصة الثورة المسروقة

الي متي يظل مأذقنا متواصلاً

  [الي متي يظل مأذقنا متواصلاً؟] [مزاحمة المواطنين للمتقاتلين هل هي "سبهللية"] ▪️مرات عديدة قمنا بتغييرات سياسية في بلادنا ونفخر د...