Translate

2022/07/21

بعضاً من رواياتٍ واقعية


(( منزل حجة عشة الهوساوية - خلية نحل ))


▪️خارج المنزل و سيقان نبات "الحناء" ذات الاوراق الخضراء الجميلة قد تم وضعها بانتظام للتجفيف بأشعة الشمس و ربما كمعرض او اعلان تسويقي للمارة ان بداخل هذا المنزل تباع "الحناء" المجففة ، و "حسن" و "حسين" طفلان توأم صغيران يجلسان بالقرب من "الحناء" مهمتهما حراسة "الحناء" و يقومان بصوت واحد بمناداة "حجة عشة" بلهجة "الهوسا" عند خروج التلاميذ من المدرسة ، قائلين بصوت واحد فيما معناه : "حجة عشة حجة عشة اسرعي أطفال المدرسة خرجوا للتو و هم في طريقهم إلينا" ، فتخرج "حجة عشة" بالسرعة المطلوبة و تجمع سيقان "الحناء" لان أطفال المدرسة سيهجمون عليها و يأخذون هذه السيقان و يستخدمونها سياطا يلعبون بها ،و الناس الذين يمرون بالتوأم "حسن" و "حسين" يمزحون معهما لمعرفة من هو "حسن" و من هو "حسين" ، و ذلك بلهجة حجة عشة "الهوسا" حيث ينادونهما معا : "إنَّا هسن" اي من فيكما "حسن" فكلاهما يؤشر الي أخيه و يقول :"قاشي" اي "هذا هو" ،، و ينادونهما مرة اخري :"إنَّا هُسين" اي "من فيكما حسين" فيؤشر كل واحد منهما الي أخيه و يقول :"قاشي" اي "هذا هو" و طبعا في مزاح . و كان الناس يوصفونهما ب "اولاد الأيكي" و هو تعبير يطلق علي أَبْنَاء "الهوسا" و كلمة "الأيكي" تعني العمل و ربما كان القصد ان أبناء "الهوسا" يشتهرون بالعمل و ليس غيره .

▪️مدخل المنزل و الباب مصنوع من العيدان و "الشرقانية" و هي (سياج ينسج من قش البوص أو النَّال أو العدار، وتُبنى بها "الراكوبة" أو "الصريف" أو سوح البيت). و مع المدخل الي الداخل رجل مهمته صناعة "الشرقانية" حيث يقوم بنسجها بطريقة رائعة في عمل يدوي خالص و مع تشكيلات جميلة ، و بالقرب من هذا الرجل هناك آخر يقوم بنسيج "العناقريب" و هي "الاسِرة" و كذلك "البنابر" و هي "المقاعد" و ذلك بالحبال والتي تجهز من جريد النخيل او شجر الدوم .

▪️في الساحة وسط المنزل "الحوش" تشاهد مجموعة من "الطواقي" و هي أغطية الرأس التي تصنع من القماش و خيوط القطن باليد و بألوان مختلفة وضعت تحت أشعة الشمس علي "كورية" و هي نوع من الاواني المنزلية من الالمنيوم او "الطلس" دائرية الشكل تقوم بشد "الطواقي" لتاخذ الشكل الدائري ،،

▪️في جانب آخر من المنزل هناك امرأة تقوم بصناعة الفرش و هي "البروش" و "المصالي" او تلك التي تستخدمها النساء في جلسة "الدخان" ، او "الهبابات" و هي قطعة يدوية تستخدم لتهوية الوجه او ربما لطرد الناموس و الذباب ، او الاطباق و التي تستخدم لتغطية الأكل ،، و كلها تصنع من "جريد" شجر الدوم و ربما النخيل و الذي يتم غمره في بركة صغيرة من المياه و إناء به أصباغ ألوانها مختلفة لتزيين المصالي و البروش و الهبابات ، و تقوم كذلك بصناعة "دوا كديس دوا كلي" و هي تعبير باللهجة المحلية و التي تعني "دواء القط و دواء الكلب" و يسمي أيضا "المعلاق" حيث يعلق في السقوف و توضع فيه الأطعمة حماية من الحيوانات مثل القطط و الكلاب ، و يعرف كذلك ب "المشلعيب" .

▪️في زاوية اخري توجد فتاة مهمتها "تحميص" الفول السوداني "المدمس" و بجانبها فتاة اخري تقوم بإعداد حب البطيخ "التسالي" و بينهما امرأة تقوم بسحن الفول المدمس "بالفندك" و هو احد المعدات المنزلية القديمة المصنوعة من الخشب و التي حلت محلها الان "السحانة الكهربائية" و يتكون "الفندك" من قطعتين احداهما وعاء توضع به المادة المراد "طحنها" أو سحنها و الاخري في شكل "عصاة" غليظة تستخدم "للدق" و مع حركات فنية جاذبة و ملفتة و كلمات و ألحان بلكنات عامية محلية حيث تقوم بصناعة "دكوة" الفول المدمس و هي "زبدة الفول" و كذلك تقوم بسحن البامية المجففة و هي "الويكة" ، و أيضا سحن الطماطم المجففة و نبات الحناء ، و هذه المرأة تكون في وقوف دائم اثناء عملها و احيانا تحمل طفلها و تربطه علي ظهرها ، و علي ذكر "الفندك" فهناك أغنية سودانية قديمة شهيرة و ربما تجددت بشكل اخر حيث يذكر فيها "الفندك" و تقول بعض كلماتها "أدونا فندكم ندق و نديكم"، اي "أعيرونا هذه الآلة لكي نقوم بالسحن أو الطحن و بالطبع سنعيده لكم" في إشارة الي ان "الفندك" كان يتم تداوله بين الجيران في ذلك الوقت .

▪️في اخر المنزل و بعيدا عن الناس امرأة اخري أمامها كوم من الحطب تضعه بين ثلاثة حجارة كبيرة لاشعال النار حيث يوضع "صاج" ضخم لقلي "الطعمية" و هي نوع من "الفلافل" التي تصنع من الحمص المطحون مع إضافات اخري ، و "طعمية الهوسا" لها شكل و حجم و طعم مميز ، و بالقرب منها امرأة اخري تقوم بإعداد "الزلابية" و هي نوع من المعجنات المحلاة و مكوناتها هي دقيق القمح و الخميرة و الزيت و الماء والسكر و يطلق عليها كذلك "اللقيمات" ، و "زلابية الهوسا" تختلف من الاخري كونها كبيرة الحجم .

▪️اما "القدو قدو" و هو وجبة دسمة لذيذة الطعم فصاحبته تربعت في جانب اخر و أمامها المكونات التي تشمل حب "الدخن" المدروش و "الروب" و هو الزبادي الذي يصنع محليا و بعض البهارات و ربما سكر .

▪️و داخل المنزل هنا وهناك مجموعات من طيور "البط" تسير في شكل مجموعات في خطوط سير تتخلل هذا الزخم الموجود في المنزل و كل مجموعة من "البط" تتكون من خمسة الي ستة يصطفون في السير أمامهم الأُم و يسيرون من خلفها في منظر بديع ، و مثلهم في جانب اخر مجموعة من الدواجن لكن بطريقة غير منظمة كما البط ، و كذلك بعض العصافير الخريفية التي يصطادها أطفال "الأيكي" .

▪️اذا قدر لك ان تلج الي احدي الغرف في منزل "حجة عشة" فستجد اواني الطعام خاصة "صحون الطلس" الملونة مصفوفة علي الحيطان من أعلاها الي أسفلها بشكل مرتب و كأنه محل لبيع الأواني المنزلية ، و يتم إعداد هذه الغرفة لتجهيزات "العروس" فمن عادات "الهوسا" ان يتم شراء الأواني المنزلية تجهيزا لمناسبة الزواج و وضعها في غرفة العروس .

▪️في هذا الخضم "حجة عشة" الهوساوية و عينيها متزينتان "بالكحل" الأسود بشكل كثيف ، و كامل رجليها الي بداية الساق مخضبتان بالحناء و مغطيتان بغطاء لحماية الحناء من الغبار و الأتربة و فمها مليئ بشيء يشبه العلكة لونه احمر يميل الي الاصفر تقوم بمضغه طوال الوقت و الذي ربما يمنع اللسان من الكلام و يُبين ان الوقت فقط للعمل لعلها نبتة "القورو" و التي تروي عنها الكثير من الاقوال ، و "حجة عشة" بحالها هذا تدور حول اولئك النسوة و الفتيات و كأنها مشرفة علي "ورديات" مصنع به مجموعة من العاملين .

▪️تخرج "حجة عشة" من حين الي اخر لتشتري من الدكان "قُراسة" - بتخفيف القاف و الراء - و تعني رغيف الخبز بالهوساوية و ربما أخذت من "القُرّاصة" المعروفة ، و تشتري احيانا "مٓىْ" و هو زيت الطعام ، و عندما تطلب زيت طعام تقول "باني مي" اَي أعطني زيتاً ، و ليس لها من الكلام و الانس كما الآخرين و عندما تقابلني تقول لي : "اواهي سلا مستفي" مع ابتسامة عريضة ، اَي "عوافي يا صلاح مصطفي" و هي من العافية و تعني تحياتي لك او سلامي لك و تقول في مزاح "صلاح مصطفي" و تعني الفنان السوداني الشهير "صلاح مصطفي"، و عندما تكون مشغولة و ليس هناك زمن للمزاح تقول لي "سنُو" و هي تحية سريعة .

▪️منتوجات منزل "حجة عشة" بجانب البيع بالمنزل يتم حملها الي "سوق العصر" ، و هو سوق في ساحة كبيرة طرف الحي تعرض فيه المنتوجات الاستهلاكية المحلية المختلفة من الصناعات اليدوية و الماكولات و أعلاف الحيوانات و الطيور و الماعز و الأسماك المجففة و الخضر و الفواكه و البطيخ و "الدردقو" و يقال له أيضا "التِبِش" و هو خضرة تظهر في موسم الخريف و تشبه "العجور" و "الخيار" في الطعم الا ان الشكل يشبه البطيخ الا انه صغير الحجم ، تعرض كذلك الأنواع المختلفة من المكسرات المحلية كالفول السوداني و التسالي و "النبق" و "اللالوب" و "الدوم" و الذرة الشامية المسلوقة او المشوية علي الفحم ، و هناك الدكوة و حلويات السمسم و الفول و التي تصنع من الفول السوداني او السمسم مع السكر ، و "العنكوليب" و هو عبارة عن سيقان نبات الذرة الرفيعة التي تظهر عقب الخريف في ايّام حصاد الذرة و له طعم حلو يشبه قصب السكر ، و يوجد كذلك "الأقاشي" و هو أحد الأطباق المشهورة عند الهوسا الا انه انتشر في الآونة الاخيرة ، يتكون من اللحم خالي العظم، والذي يتم طحنه طحناً خفيفاً ثم يتم تتبيله ببعض البهارات مثل الزنجبيل والفلفل والقرفة المخلوطة بالفول السوداني المطحون "الدكوة" مع بعض الخبز الجاف المطحون ثم يوضع على نار متوسطة و يقلب حتى يستوي وتقدم مع البصل والليمون والشطة ، و توجد "النيفة" و هي راس الخروف حيث يتم وضعه في حفرة للطهي و البعض يسميه "الباسم" و في احدي المرات جاء احدهم الي بائع "النيفة" و قال له أعطني واحد "طلب نيفة" و سمع احدهم بالقرب منه يطلب صحنا للفول و يقول للطباخ "اديني واحد فول و صلحه" و هي عبارة يقولها الناس لصاحب المطعم كي يضع أشياء إضافية او ان يزيد المحتوي ، فانبرى الرجل و قال لصاحب المطعم "اديني واحد نيفة و صلحه" فقال له الطباخ "أصلحه ليك كيف ،، الا كان البسه نظارات" ، و توجد كذلك الأسماك المختلفة منها الطازج و المجفف و الذي يسمي "الكجيك".

▪️الجار الشمالي ل "حجة عشة" هو "محمد شوقي" و احيانا يقال "محمد شايقي" و هو من "الهوسا" أيضا و هو رجل لا يعرف الكسل مدخلا اليه ، مهنته "طلاء" حوائط المنازل التي تشيد من الطين ب"الزبالة" و هي خلطة من روث الأبقار او الأغنام مع التراب و احيانا يضاف نوع من "القش" الناعم و يغمر في الماء لمدة ايّام حتي يتخمر و تطلي بها الحيطان و كذلك سقوف المنازل و ذلك لحمايتها من مياه الأمطار ، و "محمد شوقي" كان له زوجة من "الحبشة" هي الاخري في حركة دائمة يقوم الأطفال بمداعبتها و مناداتها بأوصاف تقوم بمطاردتهم في الأزقة .

▪️الحاجة سكينة هي جارة محمد شوقي من الجانب الشرقي و هي امرأة بيضاء اللون ممتلئة الجسم جميلة المظهر شفتاها مزينتان بلون اسود يميل الي الأزرق و هي عادة يقال لها "دق الشلوف" و الشلوفة هي الشفة و للتزيين يتم تغيير لونها الي الداكن ، حجة سكينة دائما ترتدي الثوب الأبيض في حشمة و شكل انيق و فوق هذا كانت تصنع و تبيع الخمور البلدية الا انها تركت هذا العمل و حجت الي بيت الله.

▪️بالجهة الغربية أيضا من منزل حجة عشة و بالقرب من مدخل منزل "محمد شايقي" يتربع رجل كبير السن هو شيخ الخلوة و دائما يكون في يده "لوحاً" و "دواية" و اللوح هو قطعة من الخشب تستخدم لكتابة القران الكريم، اما "الدواية" فهي وعاء توضع فيه الأصباغ السوداء التي تعد من مسحوق الفحم و الماء و الصمغ تستخدم للكتابة بدلا عن الأحبار و يقوم هذا الشيخ بكتابة سُوَر قرآنية مع دندنة بصوت و لحن جميلين و بلكنة جاذبة ،كلما امر به يداعبني ضاحكاً و يقول لي بالهوسا "دن قيدان همزة "اي انت من عائلة حمزة و ارد عليه "دن قيدان هوسا" اي انت من الهوسا.

و شارع "محمد شوقي" هذا مكتظ بالحركة سواء كان اصحاب الاعمال اليدوية المختلفة او طلاب خلوة القران او المرور من الناس و يعتبره الناس طريقا و ملاذا امنا للحركة بالنهار و الليل لان "الهوسا" من المجموعات المسالمة و الاجتماعية و ثانيا من بين عاداتهم عدم تربية الكلاب و التي تخيف الناس في الحركة و التنقل و ربما جاء ذلك من ناحية دينية فهم يلتزمون بحديث روي عن الرسول عن الكلاب ،

ليست هناك تعليقات:

"مدنيااااو" قصة الثورة المسروقة

الي متي يظل مأذقنا متواصلاً

  [الي متي يظل مأذقنا متواصلاً؟] [مزاحمة المواطنين للمتقاتلين هل هي "سبهللية"] ▪️مرات عديدة قمنا بتغييرات سياسية في بلادنا ونفخر د...